قرار جبان، غبي، وغير أخلاقي

بقلم: شالوم يروشالمي
مثلما هي الحال دوماً، تفر الحكومة من الامكانية الأسوأ. عشية التوجه الى المفاوضات في واشنطن، تتخذ حكومة اسرائيل قراراً بتحرير "مخربين" ارتكبوا جرائم فظيعة ضد مواطنين ابرياء، الكثيرون منهم فتيان واطفال. يجرح هذا قلب كل واحد منا، دون اي صلة بموقفه السياسي. فـ "المخربون" الذي قتلوا راحيل فايس وابناءها الثلاثة في دوار أريحا، في تشرين الاول 1988، "المخربون" الذين قتلوا بالدم البارد الفتيين رونين كرماني وليئور توبول، في آب 1990؛ القاتل "المجرم" الذي أطلق النار فقتل في تشرين الاول 1984 جيراني من بيت هكيرم رويتال سيري ورون ليفي، اللذين كانا في نزهة في دير كريمزان. كل هؤلاء القتلة وكثيرون آخرون سيخرجون الى الحرية. من المحظور أن يحصل هذا.
خيار تحرير 104 "مخربين" اختير بعد أن رفض الفلسطينيون الدخول الى غرفة المحادثات اذا لم تنفذ شروط اخرى. فقد طلب ابو مازن ان تقوم المفاوضات السياسية على اساس خطوط 1967، وفي واقع الامر البدء بالمشروع الذي عرضه عليه في حينه رئيس الوزراء السابق اولمرت. الخيار الثاني كان تجميد البناء في المستوطنات اثناء ادارة المفاوضات في واشنطن. يفضل نتنياهو تحرير "المخربين المجرمين"، وابو مازن يناشد الفلسطينيين: "اسمعوا البشائر السعيدة في الراديو الإسرائيلي".
والان فلينهض احد ما ليشرح لي لماذا يحرر سجناء ولا يتقرر تجميد؟ ماذا سيحصل اذا لم نبن في المستوطنات على مدى سنة كاملة؟ نفتال بينيت و"البيت اليهودي" يهددان بالانسحاب؟ فليكن. فليخرجوا من الحكومة، وعندها سيقفز اليها ما يكفي من الاحزاب الاخرى المستعدة لأن تجمد البناء في المستوطنات الى أبد الآبدين على رأسها "شاس" و"يهدوت هتوراة". النائب اسحق كوهين من "شاس" ألقى، الاسبوع الماضي، خطابا مؤثرا في اطار المداولات على تقاسم العبء. فقد طلب ان يعالج بتقاسم العبء ولكن بالاساس العبء الهائل على الدولة. من ناحيته العبء هو المستوطنات.
وبشكل عام، فان خضوع رئيس الوزراء لبينيت ورفاقه خلق وضعا غريبا: "البيت اليهودي" بالذات، الذي يعارض تجميد البناء، يشجع في واقع الامر البديل الفظيع والزائد: تحرير عشرات القتلة من السجن الاسرائيلي. من الواضح ان هذا الموضوع يفتقر الى المنطق. لو كنت بينيت، لأيدت تجميد البناء، وهكذا منعت تحرير السجناء. واذا ما فشلت المفاوضات (وأغلب الاحتمالات ان هذا هو ما سيحصل)، كان البناء سيستمر. ماذا سيحصل الان؟ المفاوضات ستفشل على ما يبدو، ولكن ليس هناك من سيعيد القتلة خلف القضبان.
فضلا عن ذلك، فان التجربة تفيد بأنه حتى في عهد التجميد يجد المستوطنون الطرق للبناء. رأينا هذا في عهد التجميد السابق قبل ثلاث سنوات، حيث كان مجرد عنوان دون الكثير من التطبيق على الارض. وبعد أن انتهى هذا التجميد انقض المستوطنون على كل قطعة ارض وبنوا بجنون. اليوم ايضا يتباهى رؤساء مجالس "يشع" للمستوطنين في كل مكان بالارتفاع الدراماتيكي في عدد السكان في كل المستوطنات، بالذات في السنوات الاخيرة. فكيف يستوي مثل هذا المجال مع التجميد؟ ليس لدي أي فكرة.
رئيس الوزراء نتنياهو، كما يقال، اتخذ قرارا زعاميا، حيث قرر تحرير السجناء. هراء. هذا القرار جبان بامتياز، غير أخلاقي، غبي وعديم الاقناع. هذا خيار بين التكتيك الخفيف وبين الاستراتيجية الثقيلة. وهو ينبع من عقدة رئيس الوزراء نفسه في الا يقرر أخيرا اتجاهه السياسي والمخاطر السياسية التي يكون مستعدا لأخذها. وعلى هذه الترددات نحن ندفع اليوم الثمن بتحرير القتلة وبالمشاهد القاسية التي تتفطر لها قلوب العائلات الثكلى.