طبول حرب لا يريدها أحد

بقلم: البروفيسور إيال زيسر
لا يمر يوم من دون تصريح حاد جديد على لسان مسؤول اسرائيلي كبير ما، يكون مجهول الاسم في الأكثر عما يجري في سورية. فيُتحدث يوما عن تهديد تسقط فيه اسرائيل نظام بشار الاسد، اذا رد على محاولاتها منع نقل سلاح متقدم الى حزب الله، ويُتحدث في الغد عن صافرة تسكين تقول إن اسرائيل معنية بأن يبقى بشار على سدة الحكم في دمشق.
في يوم الاحد من هذا الاسبوع أعلن رئيس الوزراء نتنياهو ان اسرائيل ستظل تعمل، ويعني هذا ضمنا أنها ستهاجم سورية لمنع نقل سلاح الى حزب الله، أما أمس فأعلن قائد سلاح الجو اللواء أمير ايشل ان على اسرائيل ان تستعد لامكانية حرب مفاجئة في هضبة الجولان وانهيار مفاجئ فوري للنظام السوري.
وازاء طوفان التصريحات هذا يبدو ان اسرائيل تشبه ذاك الذي يريد ان يأكل الكعكة ويبقيها كاملة. اجل إن اسرائيل مصممة على منع نقل سلاح الى حزب الله، لكنها تريد في نفس الوقت ان تخفض قدر المستطاع لهب النار التي قد تشتعل إثر عملية اسرائيلية كهذه. وتريد اسرائيل ايضا ان تُضعف الاسد وان تمنع مثلا وصول سلاح روسي متقدم اليه، لكنها معنية في نفس الوقت بمنع نشوب حرب شاملة قد تفضي الى تدخل اسرائيلي عميق فيما يجري في سورية، بل الى سقوط النظام السوري. راهنت اسرائيل في عملياتها الاخيرة في سورية على ضعف الاسد. ويُرى الرئيس انه غارق كله في صراعه على حياته في وجه المتمردين الذين ثاروا عليه، ولذلك كان الافتراض انه سيمتنع عن الانجرار الى مواجهة عسكرية مع اسرائيل قد تجلب نهايته.
إن ضعف بشار فتح اذا نافذة فرص لاسرائيل، لكنه أحدث في نفس الوقت مركز عدم يقين، بل أحدث تهديدا لنا. لأن الحاكم الضعيف الذي ليست له أملاك مثل بشار يمكنه ان يشعر بأنه أكثر تحررا، وأن مجال حيلته ازاء اسرائيل أوسع. وقد دمر المتمردون أصلا كل منشآت البنى التحتية في بلده التي حرص على حمايتها من اسرائيل. فلم يبق لاسرائيل في واقع الامر سوى سلاح يوم القيامة وهو التهديد باسقاط نظام بشار الاسد. لكن هذا السلاح يُستعمل في يوم القيامة حينما تفنى جميع الخيارات، لا إثر اطلاق ضال أو متعمد على دورية للجيش الاسرائيلي في هضبة الجولان أو اطلاق صاروخ على طائرات لسلاح الجو الاسرائيلي.
إن مشكلة مشكلات اسرائيل هي انه بخلاف الحزم الذي تُبينه تصريحات المسؤولين الكبار، فان السياسة الاسرائيلية المتعلقة بسورية أقل حزما ووضوحا. ولم يستقر رأي القدس بعد أهي معنية باسقاط الاسد أم هي معنية الى جانب ايران وحزب الله وروسيا ببقائه على كرسيه. ولم يستقر رأيها بعد هل يُسوغ منع زيادة صواريخ لحزب الله تزيد على عشرات الآلاف التي قد نُقلت الى المنظمة من قبل مخاطرة بالتدهور الى حرب شاملة مع السوريين، وهي حرب يبدو ألا أحد يريدها، لكن دائرة رعب عملية اسرائيلية ثم رد سوري وهكذا دواليك قد تفضي بنا اليها. وعلى كل حال لن تكون حرب كهذه حربا مفاجئة، كما يُحذر اللواء إيشل، بل ستكون حربا متوقعة مسبقا.