روايات محزنة عن يوميات سوريين يبحثون عن الخبز والوقود

 

يوميات السوريين بحث مضن عن الخبز والوقود والسلع الاساسيةدمشق: بات الانتظار ساعات طويلة لتعبئة السيارات بالوقود أو الحصول على قارورة غاز، وتتبع أخبار المخابز المفتوحة لشراء الخبز، جزءاً من يوميات السوريين الغارقين في نزاع انعكس على كل ما يرتبط بحياتهم.

وتقول أم فادي المقيمة في بلدة عرطوز القريبة من دمشق: «للحصول على الخبز، يجب تسجيل الاسم والانتظار مدة ساعتين أو ثلاث».

وأمام نقص الغاز والمازوت باتت هذه الأم لأربعة أولاد مضطرة، كالكثير من السوريين غيرها، للجوء إلى الحطب للتدفئة. وتوضح أن «سعر قارورة الغاز تضاعف من 450 ليرة سورية (نحو اربعة دولارات اميركية) إلى نحو 3500 ليرة (نحو 35 دولاراً)».

ويقول أبو رامي المقيم في دمشق: «منذ شهر ونصف الشهر، لم أتمكن من الحصول على قارورة غاز، لذا لجأت الى استخدام الفرن الكهربائي».

لكن السوريين يعانون أيضاً من تقنين قاس في الكهرباء، وهو ما لم يعتادوا عليه قبل بدء النزاع في منتصف آذار (مارس) 2011.

وتروي أم فادي أنها لم تتمكن في أحد الايام «من إعداد أي طعام بسبب انقطاع التيار الكهربائي طوال اليوم».

ويشكو بلال، الموظف البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً، من أن «المازوت إذا وجد يباع بضعف سعره السابق، ويجدر بي تسجيل اسمي والانتظار في الصف لساعات قبل ملء خزان الوقود. الامر لا يحتمل».

أما زياد، سائق سيارة الاجرة العامل على خط دمشق بيروت، فبات يحمل معه من لبنان صفائح بنزين بعد أن كان سعره في السابق في لبنان أعلى مما هو في سورية.

ويقول هذا الأربعيني الأب لثلاثة أولاد «مع غلاء المحروقات وندرتها (...) صارت هذه المشتقات في لبنان أرخص وأيسر منها في سورية».

وتسبب النزاع المستمر منذ سنتين بأزمة إقتصادية غير مسبوقة.

وفي الأشهر الاخيرة، ارتفعت أسعار الطحين بنسبة 140 في المئة، والوقود بنسبة 62 في المئة، والمازوت بنحو 106 في المئة.

كما تراجع الناتج الوطني، وبلغ التضخم مستويات قياسية، وارتفعت نسب البطالة، مع تزايد العجز في ميزان المدفوعات، في حين أقفل ربع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم ابوابها، وتراجع الانتاج النفطي الذي كان مخصصاً للاستهلاك المحلي.

إضافة إلى ذلك، تراجع الانتاج الزراعي إلى النصف وفق منظمة الامم المتحدة للزراعة «فاو»، علماً أن هذا القطاع كان يوفر العمل لقرابة ثمانية ملايين سوري.

وتشير إرقام المنظمة إلى أن إنتاج القمح والشعير تراجع إلى أقل من مليوني طن سنوياً، في مقابل نحو 4,5 ملايين طن قبل بدء النزاع.

ويؤكد ماجد، العامل في مخبز، أنه بات يشتري الخميرة «بعشرة أضعاف سعرها السابق».

وتحول أعمال العنف غالبية الاحيان دون تمكن السكان من التبضع. ويقول أبو محمد أنه كان يبتاع الخضر والفاكهة الاربعاء في سوق الهال بشرق دمشق، وقال: «فجأة سمعنا اصوات انفجارات. زحفنا كالفئران، ارتعبنا».

وفي مناطق سورية عدة، يتوجب على السكان بذل جهود مضنية لتأمين حاجاتهم الاساسية.

في حلب، كبرى مدن الشمال والتي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، يحرم السكان من التغذية بالتيار الكهربائي في غالبية ساعات اليوم.

وتقول أم حسن المقيمة في حي مساكن هنانو الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة في شرق المدينة، أنها «نسيت ما معنى الغسالة الاوتوماتيكية والبراد وكل الاجهزة العاملة على الكهرباء».

وتقول هذه السيدة الستينية وهي أم لخمسة شبان وأربع اناث، أن التغذية بالتيار الكهربائي «معدومة (...) اعتدنا الغسيل يدوياً والمكواة أصبحت من الماضي، ونعتمد على مصابيح صغيرة لإنارة المنزل نشحنها هي وهواتفنا الخليوية وأجهزة الكومبيوتر المحمول» باستخدام بطاريات السيارات.

وخسر الكثير من الحلبيين وظائفهم وأعمالهم جراء النزاع، واضطروا للجوء إلى ممارسة مهن بعيدة كل البعد عما كانوا يفعلونه.

على الرصيف القريب من مدخل المدينة الجامعية في غرب حلب، تنبعث رائحة شواء مترافقة مع دخان متصاعد من منقل حديدي. على الرصيف، يقف محمد تحت لافتة كتب عليها «بسطة حمودة للمشاوي».

ويقول هذا الرجل الخمسيني النحيل «تحولت الى بائع بسطة بعدما كنت معروفاً في سوق المعادن بلقب المعلم محمد». يضيف: «المهم أن أتمكن من كسب لقمة العيش».

 

 

حرره: 
ا.ش