خيبة أمل للسلطة الفلسطينية من خطة ترامب... ترحيب بالجهود فقط

زمن برس، فلسطين: تعيش القيادة الفلسطينية خيبة أمل بعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن خطته بشأن غزة أمس الاثنين، التي اعتبرت أنها تمنح واشنطن "وصاية مباشرة" على القطاع، ما دفعها إلى الاكتفاء بالترحيب بالجهود وليس الخطة بحد ذاتها، في ظل ضغوط عربية سبقت البيان الفلسطيني، وتعديلات أميركية مفاجئة أسقطت التفاهمات السابقة بشأن المرحلة الانتقالية ودور السلطة الفلسطينية. واكتفت القيادة الفلسطينية بالترحيب بجهود ترامب وليس بخطته، بعدما عبرّت لأطراف عربية عن خيبة أملها من أن قطاع غزة سيصبح تحت الوصاية الأميركية المباشرة، وأن ترامب نصّب نفسه "رئيسا" للقطاع.
وقال مصدر مقرب من الرئاسة الفلسطينية لـ"العربي الجديد": "تمسكنا ليلة أمس، بأن يخرج البيان العربي قبل بيان الرئاسة الفلسطينية، وألا يؤيد خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبعدما صدر البيان العربي للدول العربية الثماني، أصدرنا بيانا بنفس المضمون". وبحسب المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه، "فإن بيان الدول العربية والإسلامية الثماني أكد مخرجات لقاء القادة العرب مع ترامب الأسبوع الماضي، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وليس مع خطته، حيث أكد البيان نقاطاً غير موجودة في خطة ترامب مثل: إنهاء الحرب عبر اتفاق شامل، وعدم ضم الضفة الغربية المحتلة، وتكريس مسار للسلام العادل عبر حل الدولتين، وتوحيد غزة بشكل كامل مع الضفة الغربية في دولة فلسطينية وفقا للقانون الدولي وشراكة لصنع السلام وليس وصاية".
وشدد المصدر ذاته على أن "الخطة التي سمعناها يوم أمس، من الرئيس ترامب تختلف عن الخطة التي تم إطلاع القادة العرب عليها مع الرئيس ترامب، ورؤساء الخارجية العرب مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف"، مضيفاً: "نعتقد أن ما تم التوافق عليه في اجتماع القادة العرب مع ترامب، وكذلك وزراء الخارجية العرب قد لخّصته الفقرة الأخيرة من بيان الدول العربية والإسلامية الثماني أمس".
وبحسب المصدر ذاته، "فإن القيادة الفلسطينية أبلغت عدداً من الدول العربية المنخرطة في خطة إنهاء الحرب الإسرائيلية في الأيام السابقة حول ثلاثة تعديلات هامة، تبنتها هذه الدول، والتعديلات هي: التدخل الدولي أو القوات الأجنبية تكون استنادا إلى قرار من مجلس الأمن، وخلال المرحلة الانتقالية يكون هناك ربط محكم بين اللجنة الإدارية والحكومة الفلسطينية، وجدول زمني واضح لانتهاء المرحلة الانتقالية وعودة السلطة لقطاع غزة واستئناف المفاوضات، حيث كان التعديل الذي طرحه الفلسطينيون عبر الشركاء العرب أن تكون الفترة الانتقالية لمدة عام، ثم تم تعديلها من الأميركيين إلى 18 شهراً، إلى أن أصبح هناك حديث عن ثلاث سنوات".
المصري: تحفظات واضحة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "السلطة الفلسطينية أصدرت بيان الترحيب بجهود ترامب وليس بخطته التي تعني نهاية السلطة، لأن القيادة الفلسطينية تأمل من خلال المرونة والتنازلات أن يتم قبولها بوصفها شريكاً، رغم أن هذه الطريقة أثبتت عدم جدواها، ورغم أن الخطة استثنت أي دور لها في قطاع غزة"، مضيفاً: "ينص البيان العربي، وكذلك البيان الصادر عن القيادة الفلسطينية بما يعكس تحفظات واضحة".
وأكد المصري "من الواضح أن هناك تغييرات كبيرة بين المسودات التي كان يتم تسريبها لخطة ترامب، وبين الخطة التي أعلن عنها يوم أمس، في الصيغة الأولى التي تم التوافق مع العرب حولها، كان هناك دور للسلطة، لكن بالخطة التي أعلن عنها ترامب أشار لدور للسلطة حسب الإصلاحات التي نص عليها ترامب عام 2020 وأخطر ما هو مطلوب حسب هذه الإصلاحات هو اعتراف فلسطيني رسمي بيهودية الدولة".
من جانبها، لم تصدر فصائل منظمة التحرير أي بيانات حول خطة ترامب، باستثناء حركة فتح التي أعادت صياغة موقف الرئاسة الفلسطينية بعد نحو 15 ساعة ونصف من البيان الأصلي للرئاسة، حيث أعادت تأكيد نقاط الرئاسة حرفيا، دون إضافة أو حذف جوهري، باستثناء وضع ترويسة الحركة. وأكد مصدر من حركة "فتح" لـ"العربي الجديد"، أن "القيادة الفلسطينية كانت قد أكدت للدول العربية رفضها أي دور يمكن أن يقوم به رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير، وكانت هناك تطمينات عربية بأنه لن يكون له دور فعلي، بعكس ما أعلنه ترامب أمس". والتقى عباس ببلير الذي لا يشغل أي منصب رسمي حالي بريطاني أو دولي في العاصمة الأردنية عمّان في 13 يوليو/تموز الماضي، وبحث معه إنهاء الحرب في قطاع غزة وتولي السلطة مسؤولية القطاع، مشددا على "أن حماس لن تحكم غزة في اليوم التالي (للحرب)"، على حد تعبيره.
البرغوثي: خطة ترامب تضمنت ألغاما خطيرة
بدوره، يرى أمين عام المبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "خطة ترامب تضمنت ألغاماً خطيرة كل واحد منها كفيل بتفجير الوضع برمته، أبرزها عدم وجود ضمانات حقيقية بألا تجدد إسرائيل حرب الإبادة بعد استرداد أسراها، خصوصا مع ما أعلنه نتنياهو الذي منح نفسه وحكومته حق تقييم ما يستدعي استئناف الحرب الدموية، إضافة إلى استمرار بقاء جيش الاحتلال في قطاع غزة لزمن غير محدد، وعدم وضوح خطط الانسحاب التي قال نتنياهو إنها ستكون بطيئة وما تضمنته الخريطة المقترحة من استمرار إسرائيل بالسيطرة على حوالي ربع مساحة قطاع غزة حتى بعد الانسحاب إن تم".
وتابع البرغوثي: "اللغم الثالث والأخطر هو فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بابتداع إدارة استعمارية دولية تشرف على الحكم فيه، ما يحقق هدف نتنياهو بمنع قيام دولة فلسطينية وهو ما قال الرئيس الأميركي ترامب إنه يتفهمه، بدل أن يعارضه". لكن الخطير في الأمر أن هناك أصواتاً وازنة في القيادة الفلسطينية لا ترى مشكلة في عدم وجود سياسي فلسطيني في قطاع غزة.