أم الخير... بوابة مسافر يطا تواجه الاستيطان بلا ماء وكهرباء

أم الخير... بوابة مسافر يطا تواجه الاستيطان بلا ماء وكهرباء

زمن برس، فلسطين:  تواجه قرية أم الخير في مسافر يطا جنوب الخليل بالضفة الغربية، تصعيداً استيطانياً بعد إقامة بؤرة جديدة تتوسّع باستمرار قرب مساكن الأهالي. ويترافق ذلك مع غياب أدنى عوامل الصمود في القرية، مثل الخدمات الأساسية المرتبطة بالمياه والكهرباء والتعليم، إضافة إلى حق الحصول على مشاريع تنموية وفرص العمل ودعم قانوني.

ويأتي هذا التوسع الاستيطاني بعد نحو شهر على استشهاد المعلم الفلسطيني عودة الهذالين برصاص المستوطن المتطرف يانون ليفي في موقع بؤرة التوسع الاستيطاني الذي يهدف إلى تهجير سكان مسافر يطا الذين يناهز عددهم 3 آلاف، ويعيشون في ظل انعدام الحدّ الأدنى للحقوق.

ويقول رئيس تجمع أم الخير، خليل الهذالين، لـ"العربي الجديد": "بدأت أعمال التجريف والحفريات في البؤرة الاستيطانية الجديدة في 28 يوليو/ تموز الماضي، وخلال الأسابيع الماضية جلب المستوطنون أكثر من عشرة بيوت متنقلة (كرفانات) جديدة، وواصلوا توسيع البؤرة عبر نصب قواعد مجهّزة مسبقاً، وشق طرقات داخلية وربطها بشبكة بين البؤرة ومستوطنة كرمئيل، ومدّ خطوط للمياه والكهرباء على حساب أم الخير التي تلفت خطوطها بعدما دمّرتها حفريات المستوطنين، ما جعل تجمعها يفتقر إلى الخدمات الاعتيادية، وقد تزداد الكرفانات بعد نصب قواعد لها وصبّ خرسانة لتأسيس بناء استيطاني دائم".

ولا تبتعد البؤرة الاستيطانية إلا بضعة أمتار عن خيام ومساكن أهالي أم الخير، كما وُضعت كرفانات في الجهة الجنوبية للتجمع كي تصبح القرية محاطة من كل الجهات، فمن الشمال والغرب تحاصرها مستوطنة "كرمئيل"، ومن الشرق يتمركز مستوطنون مسلحون في مئات الدونمات التي استولوا عليها بحجة أنها "أراضي دولة".
ويقول الهذالين: "تعدّ هذه البؤرة عملياً امتداداً لمستوطنة كرمئيل، وكانت مقامة على نحو 15 دونماً، ثم استكمل المستوطنون  وضع كرفانات وجلبوا أشخاصاً إليها مع مساحات الاستيلاء شرقاً، ما يفتح الباب أمام ابتلاع آلاف الدونمات من أراضي مسافر يطا وأم الخير، وقد تشهد المنطقة حصاراً مغلقاً من أربع جهات، مع احتمال نصب بوابة على المدخل الوحيد للتجمع".
يتابع: "تعود ملكية الأراضي التي أنشئت عليها البؤرة لأهالي مدينة يطا، وليس لسكان أم الخير نفسهم. وتابع أصحابها القضية قانونياً، أما أهالي القرية المتضررون فيواجهون المخطط عبر المسارين القانوني والإعلامي. وتتضح صعوبة المشهد أكثر في أم الخير مع تصاعد الهجمات اليومية التي يشنها المستوطنون، والتي لم تتوقف. المستوطنون الذين اعتدوا سابقاً على الشهيد عودة الهذالين، برفقة المتطرف القاتل ليفي، يواصلون أعمال الحفر والبناء، ويعملون ضمن شركة للهدم والبناء يملكها ليفي نفسه، أي أنهم يكملون مشروع ليفي بأيديهم".

يفتقر سكان أم الخير إلى الخدمات الحياتية الاعتيادية، 30 اغسطس 2025 (فرانس برس)

يفتقر تجمع أم الخير إلى الخدمات الحياتية الاعتيادية، 30 اغسطس 2025 (فرانس برس)

ويؤكد الهذالين أن "أهالي أم الخير لا يحتاجون إلى إطلاق شعارات، بل إلى توفير دعم ملموس على الأرض. جماعات الاستيطان درست نمط حياة التجمعات البدوية، وجلبت مستوطنين رعاة من عصابات فتيان التلال للعيش بالطريقة ذاتها للسكان الأصليين، ويتمسكون بالأرض عبر السيطرة على المراعي وسرقة الأغنام. وهكذا حاربونا بأصعب ما نملك، وهو مصدر رزقنا، ثم قطع الاحتلال الخدمات عن السكان في إطار مخطط واضح للتهجير. الهدف من هذه الإجراءات، ومن هدم مساكن أم الخير وقطع إمدادات المياه وتدمير الثروة الحيوانية وقتل عودة، هو الوصول إلى استراتيجية التهجير الصامت، أي إجبار 37 عائلة على ترك أراضيها من دون ضجة إعلامية".
ويوضح أن "الأهالي باتوا أكثر إدراكاً لهذا المخطط، فأهالي القرية التي يسكنها نحو 300 شخص قدّموا شهيدين وعشرات الإصابات منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إضافة إلى عشرات الأسرى والمعتقلين، وخسروا كل ما لديهم، لكنهم زادوا تمسكاً بأرضهم".
من جانبه، يقول مدير عام العمل الشعبي ودعم الصمود في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية عبد الله أبو رحمة، لـ"العربي الجديد"، "إن "وفداً من الهيئة زار قبل أيام أم الخير وعدداً من القرى المهددة في المسافر، والعمود الفقري في هذه المنطقة هو صمود الأهالي والمقاومة الشعبية، ما يستدعي دعماً رسمياً وشعبياً وتفعيل لجان الحماية والتصدي، إلى جانب تشكيل لجان محلية قادرة على تنظيم فعّاليات لمواجهة المستوطنين".
ويشير إلى أن "كل تجمع فلسطيني في مسافر يطا بات عرضة للترحيل تمهيداً لإنشاء بؤرة استيطانية تُستخدم نقطة لشن هجمات يومية. وهذا السيناريو يتكرر في أم الخير ومختلف مناطق مسافر يطا، في وقت يُترك الأهالي وحدهم كي يستفرد المستوطنون بهم. ويشكل ذلك خطراً جدياً على الأهالي، ويساعد الاحتلال على تمرير مخططاته".

ويشدّد أبو رحمة على أن "مواجهة هذه التحديات تتطلب أن يتحمّل الجميع مسؤولياتهم، من العائلات التي تملك الأرض، إلى الفصائل والقوى الوطنية والمسؤولين في القرى المجاورة، تمهيداً لبناء تكاتف قادر على إفشال مخططات جماعات الاستيطان ضد مسافر يطا".

ويوضح أبو رحمة أن "عدد البؤر في الضفة الغربية ارتفع في شكل ملحوظ في إطار سباق محموم للسيطرة على الأرض. وحالياً توجد أكثر من 300 بؤرة استيطانية تسيطر على نحو 488 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، ما يشكل مساحة أكبر من المستوطنات التي أُقيمت منذ عام 1967. والبؤر الاستيطانية المقامة على أراضي مسافر يطا لا يتجاوز عدد المستوطنين في كل واحدة منها عشرة فقط، والهدف منها ليس الزراعة، بل استخدامها كوسيلة للتوسّع على الأرض، والانطلاق منها كمافيا مليشياوية لمهاجمة المزارعين الفلسطينيين".